يسوع الذي أحبه
يسوع كلمة سماوية لفظتها الشفاه الإلهية ومعناها الله يخلص.
في قصر بديع لم يُوْلَد فهو كهف ضيق، مظلم لا يسـعه، وعلى فراش ناعم لم ينم بل في مذود حقير نزل ضيفاً على عالم الحيوان! وبميلاده العجيب التقت السماء والأرض وتعانقا في شخصه
من رآه كان يشعر ملامح سماوية انعكست على وجهه، مثلما تنعكس أشعة النجوم في حوض ماء هاديء لم تُعكّره رياح خريفية..
وإذا ظهر بثيابه البيضاء تشعر وكأنَّ أشعة قمرية قد انبثقت، وصوته نغمات ألحان سماوية، فالكلام العذب كان ينساب من شفتيه، مثلما تتساقط قطرات الندى على تيجان الزهور.
لقد أحبنا، وبوشاح حُبّه الطاهر غمرنا، وقد ترك شعلة حُبّه السماوية تتقد في صدورنا، لتلتهم ميولنا الأرضية وعواطفنا الفاسدة.. ولؤلؤة طهارته تسطع في قلوبنا لتبدد انفعالاتنا المظلمة.
كم من أناس طريدة كادت حياتها تذوب في صدر الحياة كشمس المغيب، إلى أن باغتها بشباك حُبّه فتحوّلوا إلى أنوار بعد أن كانوا ظلاماً! حملاناً بعد أن كانت ذئاباً! وكم من أعمى سالت أحلامه على الطريق لَعَلَّه في يوم ما يُبصر النور، إلى أن جاء المسيح نور العالم وأضاء عينيه المظلمتين، فتحوّل إلى شعلة من نار ونور! أتتذكـرون الأعمى منذ ولادته؟! أم نسيتم السامرية والمجدلية!
كل من يعرفه ويعمل بوصاياه عندما يمتليء قلبه بحب فريد، فيصعد على أجنحة حُبّه إلى السماء، ليُمسح مِسحة روحية ثم يعود إلى الأرض مرّة ثانية، لا ليحيا كإنسان وإنَّما كملاك يرتدي زي إنسان!
ألم تشعر مرَّة بملامس أيدي حريرية طاهرة، تقبض على روحك في وحدتـك فتمنيت ألاَّ تتحرر من أسرها؟! ألم تتساءل مرَّة عن سر الأجنحة السمائية التي رفرفت ولو مرَّة حول مضجعك، فنمت فرحاً والنور يملأ زوايا غرفتك، وعلى فراشك الذي تقدّس تتمايل خيالات من أحببته وقد صرت إلى الأبد أسير حُبّه؟!